كل ما يخص الموارد البشرية في المملكة العربية السعودية
مجموعة من الاأراء والمقالات لأفضل الكتاب
القيادة والتغيير
Aug 25, 2025
انكلوسيف

كوتر، لوين، وأدكار: نماذج إدارة التغيير الرائدة!
أبرز نماذج إدارة التغيير.
يُشبه التغيير المؤسسي رحلة بحرية في محيط واسع. ولكي تنجح هذه الرحلة، لا يكفي وجود سفينة قوية (المؤسسة) أو قائد ماهر (المدير). أنت تحتاج إلى خرائط ملاحية دقيقة ترشدك خلال العواصف والمد والجزر. في عالم إدارة التغيير، تلعب هذه الخرائط دوراً حاسماً في توجيه المنظمات خلال فترات التحول. فيما يخص إدارة التغيير، فإن نماذج إدارة التغيير تمثل الخريطة في رحلتك للتغيير.
هذا المقال يغوص في ثلاثة من أبرز نماذج إدارة التغيير وأكثرها شيوعاً: نموذج كوتر، ونموذج لوين، ونموذج أدكار. سنحلل مراحل كل نموذج، ونستكشف كيفية تطبيقه عملياً، ونوضح كيف يمكن لهذه النماذج أن تتكامل لتشكل استراتيجية تغيير شاملة وفعالة.
1. نموذج كوتر (Kotter): خارطة طريق من 8 خطوات
يُعد نموذج كوتر، الذي طوره الأستاذ بجامعة هارفارد جون كوتر، واحداً من أكثر نظريات إدارة التغيير شعبية وفعالية في تحقيق الأهداف المنشودة للشركات. يعتمد هذا النموذج على منهجية متسلسلة تتكون من ثماني خطوات رئيسية، ويركز على إعداد الأفراد وبناء قبولهم للتغيير بدلاً من التركيز على العملية نفسها.
الخطوات الثمانية للنموذج:
1- خلق إحساس بالضرورة: يجب على القادة إقناع الأفراد بأهمية التغيير من خلال تحديد التهديدات والفرص المحتملة، وإجراء حوارات صادقة حول القضايا الراهنة.
2- تشكيل فريق قيادي قوي: بناء فريق قوي من الأفراد القادرين على توجيه عملية التغيير، مع التأكد من ضم أشخاص مؤثرين من مختلف الأقسام والمستويات.
3- تطوير رؤية واستراتيجية: وضع خطة واضحة ومقنعة توضح الاتجاه المطلوب، مع تحديد القيم الأساسية والاستراتيجيات لتحقيق التغيير.
4- تواصل الرؤية: نشر الرؤية الجديدة بفعالية وإقناع، وربطها بالجوانب الحاسمة مثل مراجعات الأداء والتدريب، ومعالجة مخاوف الناس بصدق.
5- تمكين العمل وإزالة العوائق: التأكد من أن العمليات والهياكل التنظيمية متوافقة مع الرؤية، وإزالة العقبات التي تعيق التغيير، ومكافأة الأفراد الذين يدعمونه.
6- توليد المكاسب السريعة: تحقيق انتصارات صغيرة وملموسة في وقت مبكر لبناء الثقة والزخم.
7- تعزيز النجاح: استخدام المكاسب كدليل على نجاح التغيير، ومواصلة التحسين من خلال تحليل قصص النجاح الفردية.
8- إدماج التغييرات في الثقافة المؤسسية: ضمان أن يصبح التغيير جزءاً لا يتجزأ من ثقافة المنظمة، من خلال مناقشة قصص النجاح وتأكيد دعم القادة الحاليين والجدد.
لماذا هو فعال؟ يكمن تفرد نموذج كوتر في أنه يركز على الجانب الإنساني من التغيير. فهو يضمن مشاركة الموظفين وقبولهم للعملية، مما يزيد من فرص نجاحها الشامل. كما أنه يوفر إرشادات واضحة وخطوات متسلسلة يسهل تطبيقها.
2. نموذج ليفين (Lewin): نظرية "فك التجميد"
يعتمد نموذج ليفين، الذي طوره عالم النفس كورت ليوين، على تشبيه بسيط ولكنه عميق: إعادة تشكيل قطعة من الثلج. يتألف هذا النموذج من ثلاث مراحل رئيسية تهدف إلى تبسيط عملية التغيير:
1- إلغاء الوضع الراهن (Unfreeze): الهدف هو تهيئة الأفراد للتغيير القادم. يجب على القادة إقناع الأفراد بضرورة التخلي عن الطرق القديمة للعمل من خلال تحديد أوجه القصور وخلق شعور بالإلحاح.
2- التغيير/الانتقال (Change/Movement): هذه هي مرحلة تنفيذ التغييرات الجديدة. يتم فيها إدخال العمليات أو الأنظمة أو السلوكيات الجديدة، ويبدأ الأفراد في التكيف مع التحول. من المهم هنا الحفاظ على التواصل المفتوح وتقديم الدعم المستمر.
3- إعادة التجميد (Refreeze): هذه المرحلة الحاسمة تهدف إلى تثبيت التغييرات الجديدة في ثقافة المنظمة لضمان استدامتها. بدون هذه المرحلة، هناك خطر كبير من أن يعود الناس إلى طرق العمل القديمة التي اعتادوها. تتضمن هذه المرحلة وضع سياسات جديدة، وتقدير ومكافأة الالتزام بالطرق الجديدة للعمل.
لماذا هو فعال؟ يكمن جمال نموذج ليفين في بساطته وسهولة فهمه. إنه متعدد الاستخدامات وقابل للتطبيق عبر مختلف الصناعات والسياقات التنظيمية، سواء كان التغيير يتعلق بتكنولوجيا جديدة أو إعادة هيكلة.
3. نموذج أدكار (ADKAR): التركيز على الفرد
على عكس نماذج مثل كوتر ولوين التي تركز بشكل أساسي على التغيير على مستوى المؤسسة، يركز نموذج أدكار (ADKAR) على إدارة التغيير على المستوى الفردي. طورته شركة Prosci، ويعتمد على فرضية أن التغيير التنظيمي لا يمكن أن ينجح إلا إذا تغير الأفراد أولاً. يتكون النموذج من خمسة عناصر رئيسية، كل منها يمثل نتيجة يجب تحقيقها على المستوى الفردي:
1- الوعي (Awareness): فهم ضرورة التغيير و"لماذا" هو مطلوب. يشمل ذلك إدراك الأسباب التجارية للتغيير والمخاطر المترتبة على عدم التغيير.
2- الرغبة (Desire): الرغبة الشخصية في دعم التغيير والمشاركة فيه. لا يكفي أن يفهم الموظفون السبب، بل يجب أن يرغبوا فيه، وهذا يتطلب ربط التغيير بمصالحهم الشخصية وإشراكهم مبكراً.
3- المعرفة (Knowledge): امتلاك المعلومات حول كيفية التغيير والمهارات اللازمة لتنفيذه. يتطلب ذلك تحديد فجوات المهارات وتوفير التدريب والموارد المناسبة.
4- القدرة (Ability): القدرة على تطبيق المهارات والسلوكيات الجديدة في العمل. يتضمن ذلك توفير التدريب العملي والتوجيه لضمان تمكن الأفراد من الأداء بالطرق الجديدة.
5- التعزيز (Reinforcement): ضمان استمرارية التغيير وتثبيته في الثقافة المؤسسية على المدى الطويل من خلال التقدير والمكافآت، والمراقبة المستمرة.
لماذا هو فعال؟ يتميز نموذج أدكار بتركيزه القوي على الجانب البشري من التغيير، مما يساعد في تحديد العوائق الفردية ومعالجتها بشكل فعال لضمان تبني الموظفين للتحولات.
التكامل: ما من نموذج واحد هو الأفضل!
التحليل هنا يكشف عن حقيقة مهمة: لا يوجد نموذج واحد هو الأفضل لجميع المواقف. فكل نموذج له نقاط قوة خاصة به.
- نموذج كوتر مثالي لتوجيه التغيير على مستوى المؤسسة بأكملها وتحديد الرؤية، خاصة في التحولات واسعة النطاق.
- نموذج لوين يوفر إطاراً عاماً بسيطاً لفهم عملية التغيير المرحلية.
- نموذج أدكار يركز بشكل حاسم على الجانب الفردي، مما يجعله أداة قوية لتحفيز الموظفين على التغيير.
وهذا ما يقودنا إلى استنتاج حيوي: المنظمات لا يجب أن تختار نموذجاً واحداً وتلتزم به بشكل حصري. بدلاً من ذلك، يمكنها دمج عناصر من نماذج مختلفة لخلق استراتيجية تغيير شاملة. على سبيل المثال، يمكن استخدام نموذج كوتر لتحديد الرؤية الاستراتيجية للتغيير، بينما يُستخدم نموذج أدكار لضمان أن كل موظف يمتلك الوعي والرغبة والمعرفة والقدرة اللازمة للمشاركة في هذا التغيير. هذا النهج المتكامل يعزز فرص النجاح من خلال معالجة كل من الجوانب التنظيمية والبشرية.
الخلاصة
في النهاية، إدارة التغيير ليست مجرد تطبيق لمجموعة من الخطوات، بل هي فن يتطلب المرونة والحكمة. القائد الذكي هو من يدرك أن كل تحدٍ له أدواته الخاصة، وأن التمسك بنموذج واحد فقط قد يقود إلى الفشل.
باستخدام هذه النماذج كخرائط ملاحية، وفهمك العميق للظروف التي تعمل فيها، ستتمكن من توجيه مؤسستك عبر أي عاصفة تغيير، محققاً تحولاً ناجحاً ومستداماً.
اشترك في النشرة البريدية
احصل على اخر المقالات أولاً
تابعنا على وسائل التواصل
احصل على الجديد أول بأول