كل ما يخص الموارد البشرية في المملكة العربية السعودية

مجموعة من الاأراء والمقالات لأفضل الكتاب

ابحث في المدونة

ابحث في المدونة

ابحث في المدونة

إدارة الموظفين

Aug 11, 2025

هي مستقبل نمو الموظفين (CPM) لماذا إدارة الأداء المستمرة

.يقدم إدارة الأداء المستمرة (CPM) كبديل متفوق

لماذا إدارة الأداء المستمرة (CPM) هي مستقبل نمو الموظفين!

بينما ينتظر دوره لمقابلة المدير، جلس أحمد يتذكر ما قد ارتكب من خطأ بالأسبوع الماضي، وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على تقييمه السنوي والذي سيناقشه مع مديره في جلسة التقييم بعد قليل، وتساءل هل يمكن أن ينسى المدير كل ما قدم خلال العام من إنجازات بسبب ما حدث بالأسبوع الماضي؟ لماذا إذاً لم يتم تقييم ما يراه إنجازات في وقتها؟ ألا يمكن أن يكون موهوماً وما يراه إنجاز هو عبارة عن لا شيء؟! ثم أليس من الظلم أن يقوم بتقييمه مديره فقط؟ في حين أن زملاءه كلهم يقدرونه والعملاء الذين يتعاملون معه دائماً ما يثنون على اداءه؟ 

نظام مراجعة وتقييم الأداء الذي سيتم تقييم أحمد على أساسه هو النظام التقليدي لتقييم الأداء، ولأن كل تلك الاسئلة التي دارت في ذهنه هي أسئلة مشروعة ومنطقية ويمكن أن تكون دارت في ذهنك أنت الآخر عزيزي القارئ، ففي هذا المقال سنشرح لك لماذا قد الحان الوقت للتخلي عن أساليب تقييم الأداء التقليدية واستبدالها بإدارة الأداء المستمرة (CPM).


قيود أساليب التقييم التقليدية: إرث من التحديات

تُعاني أساليب تقييم الأداء التقليدية، من قيود متأصلة تجعلها أقل فعالية في بيئة العمل اليوم. ولطالما اعتمدت المؤسسات باختلاف مجالاتها على تلك الأساليب، لكن عالم العمل يتطور بسرعة، ومعها تتغير احتياجات الموظفين والمنظمات. لم تعد النماذج التقليدية لتقييم الأداء كافية لدفع النمو الحقيقي أو الحفاظ على مشاركة القوى العاملة الحديثة. لكن قبل أن نسرد عيوب تلك الأساليب دعنا نلقي عليها نظرة أولاً.

تُشير أساليب تقييم الأداء التقليدية إلى الطرق المعتادة التي استخدمتها المنظمات لعقود لتقييم أداء موظفيها. تتضمن هذه الأساليب عادةً مراجعات وتقييمات وجلسات تغذية راجعة "Feedback" دورية بين المديرين والموظفين.


تقوم هذه الأساليب على تلك المحاور الرئيسية:

التقييمات السنوية أو الدورية: غالبًا ما تُجرى هذه التقييمات على أساس سنوي أو نصف سنوي، حيث يلتقي الموظفون بمديريهم لمناقشة أدائهم خلال فترة زمنية محددة، عادةً ما تكون السنة أو الأشهر الستة الماضية.

تفاعل المدير والموظف: تعتمد هذه الأساليب بشكل كبير على التفاعل بين الموظف ومشرفه المباشر أو مديره. يقوم المدير بتقييم أداء الموظف، وتقديم التغذية الراجعة "Feedback"، وتحديد الأهداف والتوقعات للمستقبل.


مقاييس التقييم: غالبًا ما تستخدم الأساليب التقليدية مقاييس تقييم أو درجات رقمية لتحديد أداء الموظف كميًا. تتراوح هذه المقاييس عادةً من 1 إلى 5 أو من 1 إلى 10، حيث تشير الدرجات الأعلى إلى أداء أفضل، لكل بند تقييم تحدد الدرجة، ثم في الأخير يتم وضع تحويل مجموع الدرجات إلى درجة تقييم للأداء بشكل عام.

تحديد الأهداف: يُعد تحديد الأهداف جانبًا أساسيًا في أساليب تقييم الأداء التقليدية. يتعاون المديرون والموظفون لتحديد أهداف وغايات الأداء للفترة القادمة، وتُستخدم هذه الأهداف كأساس لتقييم أداء الموظف في دورة التقييم التالية.

التوثيق: تلعب السجلات والوثائق التفصيلية دورًا حاسمًا في تقييمات الأداء التقليدية. يُتوقع من المديرين الاحتفاظ بسجلات إنجازات الموظف، والمجالات التي تحتاج إلى تحسين، والتغذية الراجعة المقدمة خلال عملية المراجعة.

يبدو كلاماً منطقياً ويفي بالغرض، إذا ما المشكلة؟ لماذا يجب أن يتغير؟

طبيعة العمل والوظائف في العالم تتغير بشكل كبير، وسريع! وكلمة "سريع" تلك هي أهم ما يميز التطور الذي يطرأ على عالم الأعمال، هذه السرعة جعلت عيوب النظم التقليدية تطفو للسطح، ذلك في كل شيء وليس في أساليب التقييم فقط.

وبتطبيق ذلك على موضوعنا "إدارة تقييم الأداء"، نجد أساليب تقييم الأداء التقليدية تعاني من عدة عيوب جوهرية تؤثر على فعاليتها وعدالتها:

- الذاتية والتحيز: تُعد الذاتية أحد أبرز عيوب هذه الأساليب، حيث غالبًا ما تستند التقييمات إلى الآراء الشخصية والتحيزات الخاصة بالمُقيّم، بشكل أبسط التقييم يعود للمدير المباشر فقط، مما قد يعرض هذا التقييم إلى أهواء هذا المدير أو تحيزاته الشخصية، مما قد يؤدي إلى تقييمات غير عادلة وغير دقيقة لأداء الموظف الفعلي. هذا التحيز يمكن أن يقوض مصداقية نظام التقييم بأكمله.
 

- معضلة التوقيت المناسب: من أكبر عيوب هذا النظام، تُجرى التقييمات التقليدية عادةً على أساس سنوي أو نصف سنوي، مما يعني أن الملاحظات والتقييمات تُقدم على فترات متباعدة. ببساطة أنا كموظف أعمل الآن، وأحتاج إلى تقييم ما قمت به الآن! أريد أن أعرف هل حققت المطلوب؟ هل أحتاج للتعديل في أمر ما؟ هل أحتاج لتغيير مساري؟ وإذا كنت أقوم بعمل جيد، ألا أستحق التقدير على ما فعلت، في وقته؟! هذا الفشل في التقاط الأداء واحتياجات التنمية في الوقت الفعلي يمكن أن يعيق نمو الموظفين ويمنع اتخاذ إجراءات تصحيحية فورية. كما يؤدي نقص التغذية الراجعة "Feedback" في الوقت المناسب إلى شعور الموظفين بالانفصال وعدم المشاركة، مما يضر بمعنوياتهم. 


التركيز على الأداء السابق: أنا موظف وقمت بعمل يحتاج للتعديل في وقته، وخلال فترة قصيرة قمت بالعمل على هذا القصور، عند التقيم آخر العام، سأظل محتاج للتدريب على القصور الذي قمت بالعمل عليه بالفعل وفقاً للتقييم، بدلاً من التدريب على ما احتاج بالفعل! تُركز هذه الأساليب بشكل كبير على عمل الموظف خلال السنة الماضية، بدلاً من الإمكانات المستقبلية للموظف. هذا التركيز الضيق على الماضي قد يتجاهل قدرة الموظف على النمو أو التكيف مع الظروف المتغيرة، مما يعيق تطوير المواهب ويحد من فرص التحسين. 


- نقص مشاركة الموظفين: وأنا؟ ماذا عن رأيي في أدائي؟! ألا يمكن أن تكون لدي وجهة نظر عن أدائى؟ صحيحة أو ناتجة عن رؤية مغلوطة لطبيعة العمل وتحتاج إلى تصحيح؟ غالبًا ما تتبع أساليب التقييم التقليدية نهجًا من أعلى إلى أسفل، حيث يكون المديرون هم صانعو القرار الوحيدون في عملية التقييم. هذا النقص في مشاركة الموظفين يمكن أن يؤدي إلى فك الاندماج وعدم الرضا، حيث قد يشعر الموظفون بأن آرائهم ووجهات نظرهم غير مُقدرة، مما يؤثر سلبًا على الروح المعنوية والتحفيز والرضا الوظيفي العام.


الآن بعد أن تعرفنا على عيوب تلك الأساليب التقليدية في إدارة تقييم الأداء، لنتعرف على إدارة الأداء المستمرة (CPM) وكيف ستعالج نقاط الضعف السابقة.

ما هي إدارة الأداء المستمرة (CPM)؟

إدارة الأداء المستمرة (CPM) هي نهج لتقييم الموظفين وتطويرهم، تركز أيضاً على التواصل والتغذية الراجعة "Feedback" بين المديرين والموظفين. لكنها تمثل تحولًا عن أنظمة إدارة الأداء التقليدية التي تعتمد غالبًا على المراجعات السنوية، نحو نظام تغذية راجعة منتظمة ومستمرة تكون توجيهية وبناءة.  

تُشجع إدارة الأداء المستمرة على عمليات الفحص المتكررة على فترات متقاربة جداً، والتغذية الراجعة في الوقت الفعلي، وتعديلات الأهداف للحفاظ على توافق الموظفين وأهداف الشركة وتحفيزهم على مدار العام.  

كيف تعالج هذه الطريقة عيوب الطريقة التقليدية؟ تتضمن إدارة الأداء المستمرة عادةً ما يلي:

- عمليات الفحص المنتظمة: يلتقي المديرون والموظفون بانتظام، غالبًا شهريًا، لمناقشة التقدم، ومعالجة التحديات، وتحديد الأهداف قصيرة المدى. تساعد هذه اللقاءات في الحفاظ على تركيز الموظفين وتحفيزهم وكونهم دائماً على المسار الصحيح لتحقيق الأهداف قصيرة وطويلة المدى. 


- التغذية الراجعة المستمرة Ongoingfeedback: تُشجع إدارة الأداء المستمرة على تقديم التغذية الراجعة في الوقت الفعلي أو في أقرب وقت ممكن من وقوع الأحداث. بمعنى تشجيع الموظفين في حالة إحسانهم وتقويمهم في حالة قصورهم، لحظياً. يمكن أن يشمل ذلك التغذية الراجعة من المديرين، والزملاء، وحتى العملاء (وهو ما يسمى بالتغذية الراجعة 360 درجة).  


تحديد الأهداف وتعديلها بشكل متكرر: هل تتذكر عزيزي القارئ عندما ذكرنا "التغيير السريع" كسمة عالم الأعمال المعاصر في بداية المقال، هذا التغير السريع يتطلب أهداف مرنة سهلة التعديل عليها وفقاً لمتغيرات السوق. تكون الأهداف في إدارة الأداء المستمرة أكثر مرونة؛ حيث تُحدّث مع تطور المشاريع أو تغير أولويات العمل. تتيح هذه المرونة للموظفين البقاء متوافقين مع أهداف الشركة المتغيرة والتركيز على ما هو الأكثر أهمية. 
التركيز على التنمية: مع المراقبة والتغذية الراجعة المستمرتين، يكون هناك تركيز أقوى على نمو الموظفين وبناء المهارات. يمكن للمديرين تحديد احتياجات التنمية في وقت مبكر، وتقديم الموارد اللازمة لتحقيقها، وتتبع التقدم بشكل متكرر ومتقارب، مما يجعل التنمية جزءًا أساسيًا من عملية الأداء. 


- التقييم الذاتي والتفكير من قِبل الموظف: تُشجع العديد من نماذج إدارة الأداء المستمرة الموظفين على التفكير في أدائهم وتقدمهم بانتظام. يعزز هذا التقييم الذاتي إرادة الموظفين لحاجتهم للتطور وفهمًا أوضح لإنجازاتهم ومجالات النمو.  


أظهرت دراسة أجرتها Betterworks أن إدارة الأداء المستمرة زادت مشاركة الموظفين بنسبة 58% في بعض المنظمات. كما أنها تزيد معدل الاحتفاظ بالموظفين (63% مقابل 41% في الأنظمة التقليدية)، وتحسن مواءمة الأهداف مع أهداف المؤسسة واحتياجات الموظفين، وتعزز ثقافة التعلم المستمر، وتبني علاقات أقوى بين المدير والموظف. بالإضافة إلى ذلك، توفر إدارة الأداء المستمرة بيانات أفضل لاتخاذ القرارات المتعلقة بالموظفين، مما يقلل من التحيز ويحسن جودة الخيارات الإدارية. كما أنها تساهم في تقليل التوتر والقلق المرتبطين غالبًا بالمراجعات السنوية التقليدية.


دراسات حالة لشركات رائدة: رواد التحول

لقد أدركت العديد من الشركات الرائدة الحاجة إلى تجاوز المراجعات السنوية وتبنت إدارة الأداء المستمرة.

- في عام 2012، ألغت Adobe نظام التقييم السنوي التقليدي واعتمدت نظام "Check-in" الذي يتضمن محادثات متكررة بين المديرين والموظفين لمناقشة الأهداف ومراجعة الأداء بانتظام. وقد أدت هذه الخطوة إلى تحسين علاقات المدير بالموظف وانخفاض بنسبة 30% في معدل الدوران الطوعي.


- انتقلت Microsoft من نظام يعتمد على التصنيف التنافسي إلى نهج يركز على التغذية الراجعة المستمرة Ongoing feedback وتطوير الموظفين والتعاون. وقد أدى هذا التحول إلى تحسين الثقة والتعاون عبر الفرق، وتعزيز ثقافة الابتكار والقدرة على التكيف.


- كانت GE في السابق رائدة في نظام التقييم الصارم الذي يتضمن تصنيف الموظفين، لكنها تحولت الآن إلى دورة تقييم موزعة ومستمرة، مع التركيز على نمو الموظفين وإلهامهم بدلاً من مجرد تقييمهم.

تُظهر هذه الأمثلة أن التحول إلى إدارة الأداء المستمرة ليس مجرد اتجاه، بل هو استجابة استراتيجية لمتطلبات القوى العاملة الحديثة وبيئات الأعمال سريعة التغير.

نصائح عملية للانتقال إلى إدارة الأداء المستمرة

يتطلب تنفيذ إدارة الأداء المستمرة تخطيطًا دقيقًا والتزامًا من جميع مستويات المنظمة. إليك بعض النصائح العملية:

- الحصول على موافقة القيادة العليا: يجب أن يفهم القادة أهمية النهج المستمر وأن يدعموه بنشاط، مما يحول إدارة الأداء المستمرة من مجرد مفهوم إلى ركيزة ثقافية.


- تحديد أهداف وإطار عمل واضحين: يجب تحديد أهداف واضحة وهيكل يوجه العملية، بما في ذلك تكرار المراجعات، وكيفية تنظيم التغذية الراجعة، وكيفية تحديد الأهداف وتتبعها.


- تدريب المديرين والموظفين: من الضروري تزويد المديرين والموظفين بالمعرفة والمهارات اللازمة لتبادل التغذية الراجعة بشكل بناء، وتحديد الأهداف وتتبعها بفعالية، وإجراء محادثات فردية هادفة.


- الحفاظ على قنوات اتصال مفتوحة: يجب جمع التغذية الراجعة باستمرار من القادة والمديرين والموظفين حول كيفية عمل البرنامج، واستخدام هذه التغذية الراجعة لإجراء تحسينات مستمرة.


- معالجة التحيزات: تدريب المديرين والمقيّمين على التعرف على التحيز وتخفيفه، وإجراء جلسات معايرة منتظمة لتوحيد المراجعات وضمان العدالة.


الخلاصة

إن الانتقال من المراجعات السنوية إلى إدارة الأداء المستمرة ليس مجرد تغيير في العملية، بل هو تحول ثقافي يعزز النمو الحقيقي للموظفين ويقود النجاح التنظيمي. من خلال تبني التغذية الراجعة المستمرة، والمرونة في تحديد الأهداف، والتركيز على التنمية، يمكن للمنظمات بناء قوة عاملة أكثر مشاركة، وإنتاجية، وقدرة على التكيف مع تحديات المستقبل.



اشترك في النشرة البريدية

احصل على اخر المقالات أولاً

تابعنا على وسائل التواصل

احصل على الجديد أول بأول

اقرأ أيضًا