كل ما يخص الموارد البشرية في المملكة العربية السعودية
مجموعة من الاأراء والمقالات لأفضل الكتاب
تحليلات
Aug 14, 2025
انكلوسيف

ماذا حدث ولماذا: أساس تحليلات الموارد البشرية!
فك شفرة الماضي والحاضر لفهم أعمق
ماذا حدث ولماذا: أساس تحليلات الموارد البشرية!
تشير البيانات في شركتك إلى انخفاض معدل الأداء بشكل ملحوظ في أيام الخميس من كل أسبوع من الربع الأول من العام، وبعد البحث تبين أن الخميس هو آخر أيام العمل الأسبوعي، والموظفين يشعرون فيه بإرهاق أسبوع كامل، مما يؤثر على تركيزهم انتاجيتهم، الأمر الذي جعلك تتوقع بأنهم سيقدمون نفس الأداء المنخفض في أيام الخميس في الربع التالي، ما دفعك إلى تحميل يوم الخميس بمهام خفيفة يسهل إنجازها بهذا الأداء المنخفض، إلى حين الانتهاء من استراتيجية إعادة تقسيم المهام وتوزيعها بالنسبة للمؤسسة خلال العام القادم.
اكتشاف الأداء المنخفض نتج عن التحليل الوصفي، ومعرفة الأسباب نتج عن التحليل التشخيصي، وهما موضوع هذا المقال، وما شكلا الأساس لشكل أكثر تعقيداً وتقدماً من التحليل، ما جعلك تتنبأ بتكرار ما حدث في الماضي، وهو التحليل التنبؤي، واتخاذ اجراءات إصلاحية ثم وقائية وهو التحليل التوجيهي، وسنفرد لكل منهما مقال خاص به مستقبلاً، فتابعونا.
القيمة الحقيقية في جمع بيانات الموارد البشرية تكمن في القدرة على فك شفرة هذه البيانات وتحويلها إلى رؤى عميقة تدعم اتخاذ القرارات الاستراتيجية. يركز هذا المقال على النوعين الأساسيين من تحليلات الموارد البشرية: التحليلات الوصفية (Descriptive Analytics) التي تجيب على سؤال "ماذا حدث؟"،
التحليلات التشخيصية (Diagnostic Analytics) التي تجيب على سؤال "لماذا حدث هذا؟". سيتعمق هذا المقال في منهجياتهما وأمثلة تطبيقية لكيفية استخدامهما لتحديد الأسباب الجذرية للاتجاهات والأنماط الملاحظة في القوى العاملة، مما يمكّن المؤسسات من فهم أعمق لماضيها وحاضرها البشري.
التحليلات الوصفية (Descriptive Analytics): ما الذي حدث؟
تُعد التحليلات الوصفية هي المستوى الأكثر أساسية أو يمكننا وصفه بـ"البدائية" في تحليلات البيانات. تهدف هذه التحليلات إلى الإجابة عن سؤال "ماذا حدث؟" أو "ما الذي يحدث؟" ، وذلك من خلال عرض البيانات التاريخية في تقارير ولوحات مؤشرات بسيطة. تُستخدم هذه التحليلات لفهم الواقع الحالي وبناء قاعدة لفحص الأداء المؤسسي.
أمثلة تطبيقية في الموارد البشرية:
- معدل الغياب الشهري للموظفين: يمكن للتحليلات الوصفية أن توضح عدد أيام الغياب الإجمالية أو متوسط أيام الغياب لكل موظف خلال شهر معين.
- عدد الموظفين المنضمين أو المنسحبين: تُظهر هذه التحليلات صافي التغير في عدد الموظفين خلال فترة زمنية محددة، مما يعطي لمحة عن نمو القوى العاملة أو انكماشها.
- معدلات التدريب المكتملة: يمكن قياس نسبة الموظفين الذين أكملوا برنامجًا تدريبيًا أو دورة تدريبية.
- معدل دوران الموظفين: يمكن تحليل معدلات دوران الموظفين ومقارنة الدوران السنوي بين الفرق أو الأقسام المختلفة.
- متوسط الإيرادات لكل موظف (RPE): هذا المقياس يوضح متوسط الإيرادات التي يساهم بها كل موظف.
المزايا والعيوب:
- المزايا: تُعد التحليلات الوصفية أبسط أشكال تحليل البيانات، وتتطلب مهارات رياضية أساسية فقط. كما أنها تتميز بسهولة الفهم والعرض المرئي للبيانات، مما يجعل البيانات سهلة الاستيعاب لأصحاب المصلحة.
- العيوب: تقتصر هذه التحليلات على تحليل بسيط لعدد قليل من المتغيرات بعد وقوع الحدث. لا يمكنها تفسير "لماذا" أو "كيف" حدثت الأنماط الملاحظة. لذا لا يمكن الاعتماد عليها وحدها للأبد.
التحليلات التشخيصية (Diagnostic Analytics): لماذا حدث هذا؟
تُعد التحليلات التشخيصية خطوة متقدمة عن التحليلات الوصفية. تسعى هذه التحليلات للإجابة عن سؤال "لماذا حدث هذا؟"، وذلك من خلال الربط بين المتغيرات وتحليل الأسباب الكامنة وراء الاتجاهات والأنماط الملاحظة. إنها تتعمق في البيانات لتحديد العوامل المساهمة في هذه الأنماط.
التقنيات المستخدمة:
تتضمن التحليلات التشخيصية تقنيات مثل:
- التعمق في البيانات (Data Drilling): للحصول على عرض أكثر تفصيلاً للبيانات.
- تنقيب البيانات (Data Mining): لاستخراج الأنماط المخفية.
- تحليل الارتباطات (Correlation Analysis): لاختبار العلاقات بين المتغيرات.
التحليل الإحصائي: لجمع وتفسير البيانات وتحديد الأنماط الأساسية.
أمثلة تطبيقية في الموارد البشرية:
- تحديد أسباب ارتفاع معدل الغياب: إذا كشفت التحليلات الوصفية عن ارتفاع في معدل الغياب، فإن التحليلات التشخيصية يمكن أن تساعد في تحديد الأسباب الجذرية لذلك. قد يشمل ذلك البحث في الغيابات غير المخطط لها في أيام معينة، أو بعد فترات طويلة بين العطلات، أو عندما تم رفض طلبات الإجازة. يمكن أن توفر استبيانات ملاحظات الموظفين ومقابلات الخروج "ترك العمل" معلومات ذات صلة.
- تحليل العلاقة بين أنماط القيادة ونتائج الأداء: يمكن للتحليلات التشخيصية أن تكشف ما إذا كانت أنماط قيادية معينة تؤدي إلى مستويات أعلى أو أقل من الأداء أو الرضا الوظيفي.
- تحديد المؤشرات المبكرة للاستقالة أو التذمر: من خلال تحليل بيانات مثل مستويات الإجهاد، أو انخفاض المشاركة، أو التغيرات في الإنتاجية، يمكن للتحليلات التشخيصية تحديد العوامل التي تساهم في دوران الموظفين. على سبيل المثال، يمكنها الكشف عن وجود فجوة بين توقعات الموظفين وإمكانات الشركة في تلبية هذه التوقعات.
- تحسين مشاركة الموظفين وثقافة الشركة: من خلال تحليل البيانات من الاستبيانات الداخلية ومقابلات الخروج، يمكن للتحليلات التشخيصية الكشف عما يجعل الموظفين يشعرون بالارتباط والرضا، وما لا يفعله.
المزايا والعيوب:
- المزايا: توفر التحليلات التشخيصية تفسيرًا أكثر شمولاً للبيانات، مما يساعد على فهم الصورة الأكبر وتحديد العوامل التي قد تؤدي إلى مشكلات.
- العيوب: تظل هذه التحليلات رد فعلية، حيث تركز على الأحداث التي وقعت بالفعل. لا يمكنها تقديم رؤى قابلة للتنفيذ للتخطيط المستقبلي بشكل مباشر، مع ذلك هي تبني لهذا الهدف، فإذا عرف السبب بطل العجب.
إن الانتقال من مجرد معرفة "ماذا حدث" إلى فهم "لماذا حدث" يمثل خطوة استراتيجية حاسمة. ففي حين أن معرفة أن معدل دوران الموظفين مرتفع (تحليل وصفي) قد يكون مقلقًا، إلا أنه لا يقدم حلولًا بحد ذاته. القيمة الحقيقية تكمن في القدرة على تحليل الأسباب الكامنة وراء هذا الدوران (تحليل تشخيصي)، مثل ضعف فرص التطوير، أو عدم الرضا عن التعويضات، أو بيئة عمل غير صحية. هذا الفهم الأعمق يمكّن أقسام الموارد البشرية من تصميم تدخلات تصحيحية مستدامة وموجهة لمعالجة المشكلات من جذورها، بدلاً من مجرد ردود فعل سطحية أو حلول مؤقتة. هذا يعزز دور الموارد البشرية كشريك استراتيجي قادر على معالجة التحديات من جذورها، مما يؤدي إلى تحسينات طويلة الأمد في أداء القوى العاملة.
الخاتمة
تُعد التحليلات الوصفية والتشخيصية هي الأساس والخطوة الأولى في رحلة تحليلات الموارد البشرية. فمن خلالهما، يمكن للمؤسسات أن تكتسب فهمًا واضحًا لماضيها وحاضرها البشري، وأن تحدد بدقة الأسباب الكامنة وراء الاتجاهات والأنماط الملاحظة. هذا الفهم العميق هو الأساس الذي تُبنى عليه المستويات الأكثر تقدمًا من التحليلات (التنبؤية والتوجيهية)، مما يمكّن الموارد البشرية من اتخاذ قرارات أكثر استنارة وفعالية، وتصميم استراتيجيات موجهة نحو بناء قوة عاملة أكثر إنتاجية ورضا. إن القدرة على فك شفرة الماضي والحاضر هي الخطوة الأولى نحو تشكيل مستقبل أفضل للموارد البشرية في أي منظمة.
اشترك في النشرة البريدية
احصل على اخر المقالات أولاً
تابعنا على وسائل التواصل
احصل على الجديد أول بأول