كل ما يخص الموارد البشرية في المملكة العربية السعودية

مجموعة من الاأراء والمقالات لأفضل الكتاب

ابحث في المدونة

ابحث في المدونة

ابحث في المدونة

إدارة الموظفين

Aug 10, 2025

انكلوسيف

صحة الموظفين النفسية: استثمار بعائد مضاعف!

الفوائد المالية الملموسة للاستثمار في برامج الصحة النفسية المؤسسية

صحة الموظفين النفسية: استثمار بعائد مضاعف!

لماذا نعمل؟ لكي نستطيع أن نعيش علينا أن نعمل! بعد أن نوفر احتياجاتنا وذوينا، نحقق أنفسنا ونشعر بقيمتنا، نؤدي واجبنا تجاه مجتمعاتنا وأوطاننا أو نحقق طموحات وأمجاد شخصية، مهما اختلفت أهدافنا في الأخير تقودنا لنفس النتيجة، الشعور بالراحة، الرضا والسعادة!

لكن ماذا لو أصبح هذا العمل، والذي أقوم به للشعور بالسعادة، مصدر تعاستي؟ نتيجة هذا الأمر ليست جيدة بكل تأكيد، ما يدفع عالم أصحاب الأعمال الكبار دفعاً إلى الاستثمار في الصحة النفسية للموظفين كجزء من تحقيق العافية المؤسسية corporate wellbeing!

كيف يمكن لهذا النوع من الاستثمار أن يعود بأضعافه؟! إقرأ هذا المقال.

في مشهد الأعمال اليوم، لم تعد الصحة النفسية للموظفين مجرد قضية إنسانية أو اجتماعية، بل أصبحت عاملاً حاسماً يؤثر بشكل مباشر على الأداء المالي للشركات. يتساءل العديد من أصحاب القرار: هل الاستثمار في برامج دعم الصحة النفسية يعود بفوائد مالية ملموسة؟ هذا المقال يستعرض الأدلة القوية التي تؤكد أن العناية بالصحة النفسية في مكان العمل ليست مجرد تكلفة، بل هي استثمار استراتيجي ذو عائد اقتصادي كبير.

1. التكلفة الخفية لضعف الصحة النفسية: تريليون دولار سنوياً!

قد لا تظهر تكاليف ضعف الصحة النفسية في الميزانيات التقليدية، لكن تأثيرها الاقتصادي هائل. على الصعيد العالمي، تُهدر ما يقرب من 12 مليار يوم عمل سنوياً بسبب الاكتئاب والقلق، وهو ما يكلف الاقتصاد العالمي تريليون دولار أمريكي من الطاقة الإنتاجية المهدرة كل عام. هذه الأرقام الصادمة تُبرز أن تجاهل الصحة النفسية للموظفين ليس خياراً، بل هو استنزاف مستمر للموارد والأرباح.

الموظفون الذين يعانون من مشكلات نفسية مثل القلق والاكتئاب يكونون أقل رضا عن عملهم، وتتأثر إنتاجيتهم سلبًا.  كما أنهم أكثر عرضة للتغيب عن العمل، أو الحضور بأداء ضعيف (ما يُعرف بـ "presenteeism")، مما يؤثر على كفاءة العمل وجودته.


2. العائد على الاستثمار (ROI): استثمار يعود بأضعاف مضاعفة

تُظهر الدراسات أن الاستثمار في برامج العافية والصحة النفسية في مكان العمل يُحقق عوائد مالية مذهلة. فقد أظهرت دراسة أجرتها جامعة هارفارد أن كل دولار تستثمره الشركات في برامج العافية يُوفر ما يزيد عن 6 دولارات، مقسمة بين توفير في التكاليف الطبية وتقليل الغياب عن العمل. 

تؤكد دراسات أخرى هذه النتائج، حيث تشير إلى أن الشركات التي تُطبق برامج عافية تُحقق:

- توفير في تكاليف الرعاية الصحية: تنخفض التكاليف الطبية بمقدار 3.27 دولار لكل دولار يُنفق على برامج العافية. 

- توفير في تكاليف الغياب: تنخفض التكاليف المتعلقة بالغياب بمقدار 2.73 دولار لكل دولار مُستثمر في برامج العافية. 

هذه الأرقام تُقدم حجة تجارية قوية لأصحاب القرار، مُظهرةً أن برامج الصحة النفسية ليست مجرد "ميزة إضافية" بل هي "ضرورة استراتيجية" تُسهم مباشرة في تحسين الأداء المالي للشركة. 

3. التأثير المباشر على الإنتاجية، الغياب، ودوران الموظفين

تتجاوز فوائد برامج العافية مجرد التوفير في التكاليف لتشمل تحسينات ملموسة في مؤشرات الأداء الرئيسية:

- زيادة الإنتاجية: الموظفون الذين يتمتعون بصحة نفسية جيدة يكونون أكثر كفاءة وفاعلية في عملهم، وأكثر تركيزًا واستعدادًا لتحمل المسؤوليات، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتحسين جودة العمل. 99% من قادة الموارد البشرية يُلاحظون زيادة في إنتاجية الموظفين بعد تطبيق برامج العافية.

- تقليل الغياب: تُقلل الصحة النفسية الجيدة من احتمالية إصابة الموظفين بالأمراض الجسدية والإرهاق الوظيفي، وبالتالي يقل معدل غيابهم عن العمل.  يمكن لبرامج العافية الفعالة أن تُخفض معدلات الغياب بنسبة تتراوح بين 14% و19%.

- تحسين الاحتفاظ بالموظفين وتقليل الدوران: الموظفون الذين يشعرون بالرعاية والدعم هم أكثر عرضة للبقاء في المنظمة.  الشركات التي تُطبق برامج عافية تشهد انخفاضاً بنسبة 25% في معدل دوران الموظفين مقارنة بالشركات التي لا تُطبقها.  كما أن الموظفين الذين يشعرون أن صاحب عملهم يهتم برفاهيتهم العامة هم أكثر عرضة بثلاث مرات للمشاركة في العمل، وأقل عرضة للإبلاغ عن الإرهاق، وأكثر عرضة للازدهار في حياتهم بشكل عام. 

دراسة حالة واقعية: جونسون آند جونسون

تُعد تجربة شركة جونسون آند جونسون مثالاً ساطعاً على العائد الملموس للاستثمار في العافية المؤسسية. فقد وفر برنامج العافية الخاص بهم حوالي 250 مليون دولار في تكاليف الرعاية الصحية على مدى عشر سنوات، محققاً عائداً قدره 2.71 دولار لكل دولار مُستثمر. هذا التوفير جاء نتيجة لتحسينات صحية ملحوظة بين الموظفين، فقد انخفض عدد الموظفين المدخنين بأكثر من الثلثين، وتراجع عدد المصابين بارتفاع ضغط الدم أو الذين لم يكونوا نشيطين بما يكفي بأكثر من النصف. وقد أدى ذلك إلى توفير 225 دولاراً لكل موظف سنوياً، هل تتخيل العائد؟!

4. كيفية قياس العائد على الاستثمار لبرامج الصحة النفسية

لضمان تحقيق أقصى استفادة من برامج الصحة النفسية، يجب على الشركات تبني منهجية واضحة لقياس العائد على الاستثمار (ROI). هذا لا يقتصر على تتبع التكاليف والوفورات فحسب، بل يشمل أيضاً تقييم التأثير على الأداء البشري. 

تتضمن منهجية قياس العائد على الاستثمار لبرامج العافية والصحة النفسية الخطوات التالية:

- تحديد الأهداف بوضوح: قبل البدء بأي برنامج، يجب تحديد الأهداف المرجوة بدقة، سواء كانت تقليل الغياب، زيادة الإنتاجية، تحسين رضا الموظفين، أو خفض تكاليف الرعاية الصحية.

- جمع البيانات: يتطلب ذلك جمع بيانات دقيقة حول التكاليف المرتبطة بالبرنامج، ومعدلات الغياب، ومقاييس الإنتاجية، واستبيانات رضا الموظفين قبل وبعد تطبيق البرنامج.

- تحليل النتائج: استخدام أدوات التحليل الإحصائي لربط التغييرات في المؤشرات بالأهداف المحددة، وحساب القيمة المالية للعائد على الاستثمار.

- التقييم المستمر والتعديل: يجب أن تكون عملية القياس مستمرة، مع مراجعة دورية للنتائج وتعديل استراتيجيات البرنامج لضمان فعاليته وتحقيق أفضل عائد. 

خاتمة: استثمار في رأس المال البشري، عائد على الأرباح

إن الأدلة واضحة: الاستثمار في الصحة النفسية للموظفين ليس مجرد عمل خيري، بل هو قرار تجاري ذكي يؤثر بشكل إيجابي ومباشر على الأرباح النهائية للشركة. من خلال فهم التكلفة الحقيقية لضعف الصحة النفسية، وتبني برامج دعم فعالة، وقياس العائد على الاستثمار بدقة، يمكن لأصحاب القرار تحويل الصحة النفسية من عبء محتمل إلى محرك قوي للإنتاجية والولاء والنجاح التنظيمي المستدام. إنها دعوة للشركات لتبني رؤية شاملة، تضع رفاهية الإنسان في صميم استراتيجياتها، لتحقيق الازدهار على المدى الطويل.

اشترك في النشرة البريدية

احصل على اخر المقالات أولاً

تابعنا على وسائل التواصل

احصل على الجديد أول بأول