كل ما يخص الموارد البشرية في المملكة العربية السعودية

مجموعة من الاأراء والمقالات لأفضل الكتاب

ابحث في المدونة

ابحث في المدونة

ابحث في المدونة

قوانين العمل

Aug 24, 2025

انكلوسيف

تقرير تحليلي: دليلك الشامل لاستخدام "نطاقات"

دليل تحليلي شامل لبرنامج "نطاقات المطور.

مقدمة: التوطين كركيزة استراتيجية في رؤية المملكة 2030

يمثل "التوطين" كما يُعرف رسمياً، أحد الأهداف الاستراتيجية الأساسية لرؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد الوطني وتعزيز مشاركة المواطنين والمواطنات في سوق العمل. في هذا السياق، يأتي برنامج "نطاقات" الذي أطلقته وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ليكون الأداة الرئيسية لتحفيز منشآت القطاع الخاص على تحقيق مستهدفات التوطين، من خلال ربط أداء المنشأة في توظيف الكوادر الوطنية بمدى حصولها على الخدمات الحكومية.

مع التطورات المستمرة في سوق العمل، تم إطلاق "برنامج نطاقات المطور" ليمثل أحد أهم مبادرات التحول الاستراتيجي للوزارة، بهدف تحسين أداء السوق، وتوفير فرص عمل لائقة، وخلق بيئة عمل آمنة وجاذبة لأبناء وبنات الوطن. يهدف هذا المقال إلى تقديم دليل تحليلي شامل لبرنامج "نطاقات المطور"، موضحاً مفاهيمه الأساسية، وآليات عمله الديناميكية، والعواقب المترتبة على عدم الامتثال، وذلك لتمكين أصحاب الأعمال من اتخاذ قرارات استراتيجية مستنيرة لضمان الامتثال والنمو المستدام.

أولاً: ما هو المقصود بالتوطين؟

التوطين في المملكة العربية السعودية هو برنامج استراتيجي يهدف إلى رفع معدلات مشاركة السعوديين والسعوديات في القطاع الخاص، وتقليص نسبة البطالة إلى أدنى مستوياتها. يمثل هذا المفهوم نقلة نوعية في سياسات سوق العمل بالمملكة، حيث يتجاوز المفهوم التقليدي "للسعودة".

تختلف "السعودة" جوهرياً عن "التوطين" في تركيزهما وأهدافهما. فبينما كانت "السعودة" تركز بشكل رئيسي على الجانب الكمي، أي تحقيق نسب معينة من الموظفين السعوديين في المنشأة بغض النظر عن المهن أو الكفاءات، يركز "التوطين" على الجانب النوعي. هذا يعني أن الهدف لم يعد مجرد ملء حصص عددية، بل توظيف الكوادر الوطنية المؤهلة في مهن محددة تتطلب كفاءات معينة. هذا التحول في الفلسفة يعكس إدراكاً حكومياً بأن التوطين المستدام يتطلب الاستثمار في الكفاءة والتدريب، وليس مجرد ملء الفراغات الوظيفية. يهدف التوطين إلى زيادة إنتاجية الفرد السعودي وقدرته التنافسية في سوق العمل، مما يقلل من مخاطر ما يعرف بـ"السعودة الوهمية" ويسهم في بناء قوة عاملة وطنية ذات جودة عالية.


وتبرز أهمية التوطين كعنصر محوري في تحقيق رؤية 2030 من خلال آثاره المتعددة، وهي:

- الأثر الاقتصادي: من خلال تحفيز القطاع الخاص على توظيف المواطنين، يسهم التوطين في تنويع مصادر الدخل الوطني وتقليل الاعتماد على العمالة الوافدة في وظائف يمكن للسعوديين شغلها.

- الأثر الاجتماعي: يعمل التوطين على توفير فرص وظيفية لائقة ومستقرة للمواطنين والمواطنات في مختلف القطاعات، مما يعزز الاستقرار الاجتماعي ويسهم في تحقيق التنمية البشرية.

- تنمية رأس المال البشري: يهدف برنامج التوطين إلى تطوير المهارات الأساسية والمستقبلية للكوادر الوطنية، مما يضمن لهم القدرة على المنافسة في سوق العمل المحلي والعالمي.

فيما يلي جدول يعرض أهم الفروق بين السعودة والتوطين كمصطلحات:


التوطين ( النوعي )

السعوده ( الكمي )

المفهوم

كفاءة الموظفين السعوديين وتأهيلهم

عدد الموظفين السعوديين

التركيز الاساسي

توفير فرص عمل مستقرة و منتجة للكوادر المؤهلة

تحقيق نسبة مئوية معنية من السعوديين كقوة عاملة

الهدف

تأهيل و تطوير عدد من السعوديين

توظيف عدد من السعوديين

الفلسفة

يتطلب امتلاك المؤهلات اللازمة لأداء المهنة

قد لا يركز على المؤهلات

التأثير على الموظف


ثانياً: ما هو برنامج نطاقات؟ وما الغرض منه؟

برنامج "نطاقات" هو نظام تصنيف آلي للمنشآت في القطاع الخاص، يعتمد على نسبة توظيفها للمواطنين السعوديين مقارنةً بالعدد الإجمالي لعمالتها. يتم تصنيف المنشآت إلى خمس فئات رئيسية، لكل منها لون يمثل مستوى التزامها بنسب التوطين:

- النطاق البلاتيني (Platinum): يمثل أعلى مستوى من الامتثال في التوطين.

- النطاق الأخضر (Green): يضم المنشآت التي تلتزم بنسب التوطين المطلوبة، وينقسم إلى ثلاثة مستويات فرعية: الأخضر المرتفع، الأخضر المتوسط، والأخضر المنخفض.

- النطاق الأحمر (Red): يمثل أدنى مستوى من الامتثال، وتواجه المنشآت فيه عقوبات وقيوداً على خدماتها.

لقد أتى "برنامج نطاقات المطور" كأحد أهم مبادرات التحول الاستراتيجي لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، حيث يهدف إلى:

- تحسين أداء سوق العمل الوطني.

- توفير فرص وظيفية لائقة.

- خلق بيئة عمل آمنة وجاذبة لأبناء وبنات الوطن.

وتتمثل التعديلات الرئيسية التي جاء بها البرنامج في ثلاثة محاور أساسية:

1- دمج الأنشطة الاقتصادية: تم دمج المنشآت الصغيرة والمتناهية في الصغر مع بقية الأنشطة الاقتصادية، مما وسّع نطاق تطبيق البرنامج ليشمل جميع المنشآت في القطاع الخاص.

2- خطة توطين ثابتة: منذ اطلاقه، يهدف البرنامج تقديم خطة توطين واضحة ومحددة للسنوات القادمة، مما يمنح المنشآت وقتاً كافياً لمواءمة خططها الخاصة بالموارد البشرية ويساعدها على التخطيط الاستراتيجي المستقبلي.

3- تحسين العلاقة الطردية: تم تحسين العلاقة الطردية بين عدد العاملين ونسبة التوطين المطلوبة، مما حل مشكلة كانت تواجه المنشآت في النظام السابق. ففي النظام القديم، كانت نسبة التوطين المطلوبة ترتفع بشكل حاد وفجائي عند تجاوز عدد العاملين حد معين (مثل الانتقال من 499 إلى 500 عامل)، وهو ما كان يعرف بـ"تأثير الهاوية". هذه القفزة الكبيرة كانت تمثل رادعاً للمنشآت عن التوسع وتوظيف المزيد من العمالة، خوفاً من الانتقال إلى فئة أعلى يصعب تحقيق نسبها. عالج البرنامج المطور هذه المشكلة بجعل العلاقة بين حجم المنشأة ونسبة التوطين أكثر سلاسة وتوافقاً، مما يشجع المنشآت على النمو دون خوف من "صدمة" التوطين.

ثالثاً: أهم المصطلحات لفهم البرنامج

لتحليل آليات عمل برنامج "نطاقات"، لا بد من فهم المصطلحات الأساسية التي يعتمد عليها:

- المنشأة (Establishment): يمثل كل مشروع يُديره شخص طبيعي أو اعتباري، ويقوم بتشغيل عامل واحد أو أكثر مقابل أجر.

- الكيان (Entity): هذا المصطلح محوري في النظام الجديد. فالكيان هو الصفة التي ستتعامل معها الوزارة لأغراض حساب التوطين، والاستقدام، ونقل الخدمات. ويمثل الكيان جميع الفروع ذات النشاط الاقتصادي الواحد المملوكة لمنشأة واحدة. بمعنى آخر، إذا كان لدى منشأة واحدة عدة أنشطة مختلفة (مثل مقاولات وتجزئة)، فإن الوزارة ستتعامل مع كل نشاط ككيان مستقل. هذا يمنع المنشآت من تحقيق نسبة توطين عالية في نشاط واحد ثم الاعتماد عليها لتعويض نقص التوطين في نشاط آخر، مما يضمن الامتثال الحقيقي داخل كل قطاع على حدة.

- النشاط الاقتصادي (Economic Activity): هو تصنيف للمنشآت يعتمد على قطاع الأعمال الذي يمارسه الكيان. تختلف نسبة التوطين المطلوبة باختلاف النشاط الاقتصادي وحجم العمالة، حيث تتطلب بعض الأنشطة نسب توطين أعلى من غيرها.

- العمالة الوافدة (Expatriate Workers): هم العاملون من غير مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، ويعملون لصالح صاحب عمل في المملكة.

- نسبة التوطين (Saudization Percentage): هي النسبة التي يتم احتسابها بقسمة مجموع متوسطات العمالة السعودية في منشآت الكيان على مجموع متوسطات العمالة السعودية والعمالة الوافدة في منشآت الكيان، ثم تضرب النتيجة في 100.

- النطاق (Nitaq): هو تصنيف للمنشأة يعتمد على نسبة التوطين التي حققتها، وله تصنيفات مختلفة كما سبق ذكره.

يتمتع البرنامج بمرونة في احتساب نسبة التوطين لتشمل فئات معينة من المواطنين، بهدف تحقيق التنمية الاجتماعية. فبعض فئات العمالة السعودية يتم احتسابها بنسبة أعلى، مثل ذوي الاحتياجات الخاصة وذوي السوابق والمفرج عنهم، حيث يتم احتسابهم بضعف النسبة العادية. وفي المقابل، يتم احتساب بعض الفئات بنسبة أقل، مثل الطلاب والموظفين بدوام جزئي، حيث يتم حسابهم بنصف النسبة العادية. كما يتم احتساب فئات أخرى كموظف سعودي واحد، مثل العاملين عن بُعد، وأبناء وبنات المواطنات، وأم وأرملة المواطن، ومواطني دول الخليج. هذا النهج المتعدد المستويات يبرز أن البرنامج ليس مجرد أداة توظيف صارمة، بل هو أداة شاملة تراعي الجوانب الاجتماعية والاقتصادية المعقدة في سوق العمل.


رابعاً: كيف يعمل برنامج نطاقات؟

تمثل الآلية الجديدة لاحتساب النطاق في برنامج "نطاقات المطور" تحولاً جذرياً عن النظام السابق الذي كان يعتمد على أحجام ثابتة للمنشآت. وبدلاً من ذلك، تم اعتماد آلية ديناميكية تعتمد على معادلة رياضية تأخذ في الاعتبار إجمالي عدد العمالة في الكيان والنشاط الاقتصادي للمنشأة.

تُستخدم المعادلة التالية لتحديد النسبة الدنيا المطلوبة لكل نطاق من النطاقات الأربعة (أخضر منخفض، أخضر متوسط، أخضر مرتفع، بلاتيني) : 

ص = م لوغ (س) + ث

حيث:

- ص: هي النسبة الأدنى المطلوبة لكل نطاق.

- م: هي قيمة ثابتة للمنحنى لكل نطاق ونشاط اقتصادي.

- لوغ (س): هي دالة لحساب القيمة اللوغاريتمية الطبيعية لإجمالي العمالة.

- ث: هي قيمة ثابتة للتوطين لكل نطاق ونشاط وسنة.

- س: هو إجمالي العمالة للكيان.

هذه المعادلة تضمن أن العلاقة بين حجم المنشأة ونسبة التوطين المطلوبة تكون أكثر سلاسة، مما يشجع المنشآت على النمو دون أن تواجه قفزات حادة في متطلبات التوطين.


مثال توضيحي لآلية الحساب

لتوضيح كيفية عمل هذه الآلية، يمكننا النظر إلى مثال شركة "عبد الله للبلاستيك"، وهي شركة تصنيع يعمل بها 400 عامل وتبلغ نسبة التوطين فيها 35.00%.


تحديد النطاق لعام 2023م

باستخدام القيم الثابتة المحددة للنشاط الصناعي لعام 2023م، يتم حساب الحد الأدنى لكل نطاق كما يلي:

- الأخضر المنخفض:  1.68xlog(400)+12.08=22.15

- الأخضر المتوسط:  1.87xlog(400)+18.87=30.07

- الأخضر المرتفع:  2.08xlog(400)+22.47=34.93

- البلاتيني:  2.08xlog(400)+28.37=40.83

بما أن نسبة توطين الشركة (35.00%) أعلى من الحد الأدنى المطلوب للنطاق الأخضر المرتفع (34.93%)، فإن نطاق الشركة لعام 2023م هو أخضر مرتفع.


الحد الأدنى لعام 2023م

النطاق

22.15%

الأخضر المنخفض

30.07%

الأخضر المتوسط

34.93%

الأخضر المرتفع

40.83%

البلاتيني


تحديد النطاق لعام 2024م

باستخدام القيم الثابتة المحددة للنشاط الصناعي لعام 2023م، يتم حساب الحد الأدنى لكل نطاق كما يلي:

- الأخضر المنخفض:  1.68xlog(400)+17.08=27.15

- الأخضر المتوسط:  1.87xlog(400)+23.87=35.07

- الأخضر المرتفع:  2.08xlog(400)+25.47=37.93

- البلاتيني:  2.08xlog(400)+32.87=45.33

بالرغم من أن نسبة توطين الشركة (35.00%) لم تتغير، إلا أنها في عام 2024م أصبحت أعلى فقط من الحد الأدنى للنطاق الأخضر المنخفض (27.15%). وهذا يعني أن نطاق الشركة لعام 2024م هو أخضر منخفض.



الحد الأدنى لعام 2024م

النطاق

27.15%

الأخضر المنخفض

35.07%

الأخضر المتوسط

37.93%

الأخضر المرتفع

45.33%

البلاتيني


يوضح هذا المثال أن الحفاظ على نفس نسبة التوطين لا يضمن البقاء في نفس النطاق في السنوات التالية، مما يتطلب من إدارات الموارد البشرية التحول من التفكير اللحظي إلى التخطيط المستقبلي. يجب على الشركات أن تتوقع الزيادات التدريجية في نسب التوطين المطلوبة وأن تتخذ خطوات استباقية لتوظيف وتدريب الكفاءات الوطنية للحفاظ على نطاقها المميز.

يمكنك الحصول على القيم المطلوبة للمعادلة من خلال الدليل الإجرائي لبرنامج نطاقات المطور من خلال الرابط التالي:

https://www.hrsd.gov.sa/sites/default/files/2023-06/20210523.pdf

كما يمكنك استخدام حاسبة نطاقات دون الحاجة لتطبيق المعادلة بنفسك من  خلال الرابط التالي: 

https://www.qiwa.sa/en/tools-and-calculators/nitaqat-calculator

الاحتساب الفوري والدوري

يعتمد نظام نطاقات على الاحتساب الدوري، إلا أن هناك حالات معينة يتم فيها الاحتساب الفوري، مثل المنشآت حديثة التأسيس (التي لم يتجاوز تاريخ تأسيس أول منشأة فيها 13 أسبوعاً). كما يمكن أن يتم الاحتساب الفوري للمنشآت القائمة في حال بقيت في النطاق الأخضر المنخفض على الأقل لمدة 13 أسبوعاً متتالية.

خامساً: العقوبات لعدم الامتثال

إن الامتثال لبرنامج "نطاقات" ليس مجرد التزام قانوني، بل هو شرط أساسي لاستدامة الأعمال في المملكة. فالعقوبات المترتبة على عدم الامتثال تتجاوز الغرامات المالية لتشمل قيوداً تشغيلية خطيرة قد تؤثر على قدرة المنشأة على العمل بشكل طبيعي.

العقوبات المترتبة على انخفاض النطاق

يؤدي انخفاض نطاق المنشأة إلى حرمانها من الحصول على خدمات أساسية من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، مما يؤثر على عملياتها التشغيلية بشكل مباشر


النطاق الأخضر المنخفض: يتم إيقاف استقبال طلبات التأشيرات الجديدة وتغيير مهن العمالة الوافدة.

- النطاق الأحمر: تُفرض عقوبات صارمة تهدف إلى دفع المنشأة نحو التوطين، وتشمل:

- السماح للموظفين بالانتقال إلى صاحب عمل آخر فوراً دون موافقة صاحب العمل الحالي أو إكمال فترة الإشعار بالانتقال.

- عدم السماح بطلب تأشيرات جديدة.

- عدم السماح بإصدار أو تجديد رخص العمل للعمالة الوافدة.

- عدم السماح بنقل خدمات العمالة الوافدة إليها.

- عدم السماح بتغيير مهن العمالة الوافدة.

- بشكل عام، لن تتلقى المنشآت في النطاق الأحمر خدمات الوزارة.

يؤدي هذا الحرمان من الخدمات إلى ما يمكن وصفه بـ"الشلل التشغيلي" للمنشأة. فعدم القدرة على استقدام عمالة جديدة أو تجديد رخص عمل العمالة الحالية يعني أن المنشأة ستفقد قدرتها على الاحتفاظ بقوتها العاملة، مما يهدد استمراريتها وقد يؤدي إلى إغلاقها.


العقوبات المالية ومخاطر عدم الامتثال

تتعدد المخاطر القانونية والمالية لعدم الامتثال للأنظمة، وتشمل غرامات مالية كبيرة. ومن أبرز المخالفات وعقوباتها:

- تقديم معلومات غير صحيحة: قد يتعرض صاحب المنشأة لغرامة تصل إلى 25,000 ريال سعودي إذا قدم معلومات أو بيانات غير صحيحة إلى الوزارة ترتب عليها الحصول على خدمة أو ميزة.

- عدم فتح ملف أو تحديث البيانات: عدم فتح ملف للمنشأة في مكتب العمل المختص أو عدم تحديث بياناتها يعرضها لغرامة تصل إلى 10,000 ريال سعودي.

- عدم الالتزام بنسب التوطين: توظيف عمالة غير سعودية في وظائف مقتصرة على السعوديين أو عدم الامتثال لنسب التوطين المحددة يعرض المنشأة لغرامة تتراوح بين 2,000 إلى 8,000 ريال سعودي.


السعودة الوهمية وعقوباتها

تُعد "السعودة الوهمية" من أخطر المخالفات، وتعرف بأنها قيام المنشأة بتسجيل مواطنين سعوديين كموظفين دون أن يؤدوا عملاً فعلياً، بهدف رفع نسبة التوطين أو الحصول على دعم حكومي. هذه الممارسة لا تضر بسوق العمل وسمعة المنشأة فحسب، بل تعرض المنشأة والموظف لعقوبات جسيمة:

- على المنشأة: تتعرض المنشأة التي تمارس السعودة الوهمية لإيقاف خدماتها، وقد يتم إحالة المخالفة إلى الجهات المختصة في حال وجود شبهة تزوير أو تواطؤ، مما قد يؤدي إلى عقوبات جنائية تصل إلى السجن. كما يتم إلزامها برد أي دعم حكومي تم صرفه للمواطنين المسجلين بشكل وهمي.

- على الموظف: يُعد الموظف شريكاً في المخالفة، وقد يُعاقب بحرمانه من الدعم الحكومي ويواجه غرامات مالية قد تصل إلى 10,000 ريال سعودي عن كل حالة تسجيل وهمي.


خاتمة: التوطين... من التحدي إلى الفرصة

يمثل برنامج "نطاقات المطور" تحولاً جوهرياً في سياسات التوطين بالمملكة العربية السعودية، حيث انتقل من مفهوم "السعودة الكمية" إلى "التوطين النوعي". لم يعد الهدف مجرد تحقيق أرقام في قوائم التوظيف، بل بناء كوادر وطنية مؤهلة ومستقرة، قادرة على المساهمة بفاعلية في الاقتصاد الوطني.

تتسم الآلية الجديدة لبرنامج نطاقات بالديناميكية والمرونة، حيث تتجنب "تأثير الهاوية" وتشجع على النمو، إلا أنها تتطلب في المقابل من أصحاب الأعمال التخطيط الاستراتيجي المستقبلي. فكما أظهر مثالنا، الحفاظ على نفس نسبة التوطين لا يضمن البقاء في نفس النطاق، مما يستدعي من المنشآت من متابعة التحديثات أول بأول، واتخاذ خطوات استباقية لتوظيف وتطوير الكفاءات الوطنية بشكل مستمر.

إن العقوبات المترتبة على عدم الامتثال، وخاصة الانتقال إلى النطاق الأحمر، ليست مجرد غرامات مالية، بل هي عقوبات تشغيلية خطيرة قد تشلّ قدرة المنشأة على الاستمرار. هذا الربط الوثيق بين الامتثال لبرنامج "نطاقات" وبين الحصول على الخدمات الحكومية الأساسية يضع الامتثال في صميم استراتيجية أي عمل تجاري يسعى للنمو والاستدامة في المملكة.

إن التوطين لم يعد مجرد تحدٍ، بل هو فرصة حقيقية للمنشآت لتعزيز قدراتها التنافسية من خلال الاستثمار في رأس المال البشري المحلي، والاستفادة من الحوافز والخدمات التي يقدمها البرنامج للمنشآت الملتزمة. ومن خلال التخطيط المسبق، والامتثال المستمر، والالتزام بأهداف التوطين، يمكن لأصحاب الأعمال تحويل هذا التحدي إلى ركيزة أساسية للنجاح والنمو بما يتماشى تماماً مع أهداف رؤية 2030.

اشترك في النشرة البريدية

احصل على اخر المقالات أولاً

تابعنا على وسائل التواصل

احصل على الجديد أول بأول