كل ما يخص الموارد البشرية في المملكة العربية السعودية

مجموعة من الاأراء والمقالات لأفضل الكتاب

ابحث في المدونة

ابحث في المدونة

ابحث في المدونة

العافية المؤسسية

Aug 9, 2025

انكلوسيف

العافية المؤسسية Corporate Wellbeing: كيف ينظر العالم لهذا المصطلح في ٢٠٢٥؟

التركيز على أهمية التخطيط الاستراتيجي والتحول من النهج التفاعلي إلى الوقائي القائم

العافية المؤسسية Corporate Wellbeing: كيف ينظر العالم لهذا المصطلح في ٢٠٢٥؟

مع تصاعد الأصوات المنددة بالنظام الرأسمالي في استغلاله للطبقة العاملة ليزداد رواد الأعمال ثراءً، وزيادة وعي الموظفين والعمال واطلاعهم على مستجدات الأعمال ومعدل الرفاهية الذي توفره مؤسسات أو حكومات بعينها لمواردها البشرية، أصبح من المنطقي أن يعيد كل رواد الأعمال وأصحاب المؤسسات النظر إلى هذا المصطلح العافية المؤسسية Corporate Wellbeing.

لم تعد "العافية المؤسسية" مجرد مزايا إضافية تُقدم للموظفين بجانب رواتبهم، ليست صالة الألعاب الرياضية ولا مساحات الألعاب ولا الكافيهات هي المقصود بذلك المصطلح، حسناً على الأقل ليس هذا ما يراه أصحاب الفكر المستقبلي والمستنير سواءً في الشرق أو الغرب. بل أصبحت ركيزة استراتيجية أساسية لضمان استدامة ونجاح الشركات. مع اقتراب نهاية عام 2025، تتضح اتجاهات جديدة تُعيد تشكيل مفهوم رفاهية الموظفين، وتُسلط الضوء على الحاجة الملحة للتخطيط الاستراتيجي والتحول من مجرد الاستجابة الوقتية للمشكلات عند وقوعها إلى اتباع نهج وقائي يعتمد على البيانات، يجنبنا وقوع تلك المشكلات من الأساس. يستكشف هذا المقال تلك الاتجاهات، مُوضحًا دور الذكاء الاصطناعي والقيادة في رسم خارطة طريق لبيئة عمل مزدهرة ومستدامة.

!المشهد المتغير للعافية المؤسسية: من الاستجابة إلى الوقاية -

خلال عام 2025، استمر الضغط على أصحاب العمل بسبب ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية. فقد شهدت تكاليف التأمين الصحي في العديد من الأسواق العالمية ارتفاعاً ملحوظاً، أتى ذلك مع تزايد المطالبات بخدمات الصحة النفسية والسلوكية، ضمن خدمات الرعاية الصحية المشمولة، ومن المتوقع أن يستمر هذا التزايد خلال السنوات القادمة، نظراَ لزيادة وعي الموظفين والعمال المضطردة. هذه الزيادة تُبرز الحاجة الماسة إلى نهج أكثر استراتيجية وفعالية في إدارة صحة الموظفين.

في ظل تلك التحديات، يتجه أصحاب العمل بشكل متزايد نحو تبني استراتيجيات وقائية واستباقية لدعم العافية النفسية، فبدلاً من الاقتصار على التدخل فقط عند وقوع الأزمات، لماذا تحدث الأزمة من الأساس؟ هذا التحول يعكس فهماً أعمق بأن الصحة النفسية لا تقتصر على العلاج فحسب، بل تشمل أيضاً الوقاية. من خلال الاستثمار في أدوات الكشف المبكر وبرامج الدعم التي تُشجع الموظفين على طلب المساعدة، يمكن للشركات أن تُعزز بيئة يشعر فيها الموظفون بالقدرة على إعطاء الأولوية لرفاهيتهم النفسية. هذا النهج لا يُحسن من رفاهية الأفراد فحسب، بل يُسهم أيضاً في تحقيق توفير طويل الأجل في التكاليف وزيادة إنتاجية القوى العاملة.


!قوة البيانات والذكاء الاصطناعي: تقنيات المستقبل لأهداف المستقبل -

مع تطور استراتيجيات الصحة النفسية في مكان العمل، تُصبح البيانات عنصراً حاسماً في تشكيل وتطوير عروض المزايا للموظفين. بدلاً من الاعتماد على برامج مزايا رفاهية عامة، يتجه أصحاب العمل نحو الاستفادة من الرؤى المستندة إلى البيانات لفهم احتياجات الموظفين بشكل أفضل وتقديم دعم مُستهدف وبرامج رفاهية تناسب احتياجاتهم الفعلية. من خلال تحليل اتجاهات الاستخدام ومقاييس المشاركة في العمل والتركيبة الديموغرافية للقوى العاملة، يمكن للشركات تحديد الثغرات في مزايا الصحة النفسية وتعديل نهجها وفقاً لذلك. هذا يضمن تخصيص الموارد وفقاً لاحتياجات العمالة الحقيقية، مما يُؤدي إلى نتائج أفضل للموظفين وعائد استثمار أقوى للمنظمة.

يُعد الذكاء الاصطناعي (AI) محفزاً محتملاً للتغيير في مجال رفاهية الموظفين. لم يعد الذكاء الاصطناعي مستقبلاً في حد ذاته لكن تطوره هو ما يشكل المستقبل. على الرغم من أن المنظمات لا تتوقع أن يحل الذكاء الاصطناعي محل الجوانب المادية للرفاهية، إلا أنه من المتوقع أن يدعم الجوانب التشغيلية والإدارية لاستراتيجيات العافية. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُحسن تجربة العافية من خلال تحليلات البيانات وتجميعها لدعم الحلول المخصصة. كما يُساعد في إدارة المزايا وزيادة الوعي بها كما شرحنا سابقاً.

تُقدم أدوات الذكاء الاصطناعي حلولاً مبتكرة مثل "المعالجين الافتراضيين" و"روبوتات الدردشة" التي تُوفر دعماً سرياً للصحة النفسية، مما يُقلل من الشعور بالخجل لدى الموظفين الذين يعانون من مشاكل نفسية ويُعزز إمكانية الوصول إلى المساعدة. هذه الأدوات تتيح للموظفين التحدث عن مشاعرهم وتلقي الدعم دون الحاجة إلى الكشف عن هويتهم. كما تُمكن أدوات تحليل المشاعر التي تعمل بالذكاء الاصطناعي من مراقبة أنماط الكلام وسلوكيات التواصل لتحديد علامات مشاكل الصحة النفسية مبكراً، وتوفير تنبيهات للتدخل في الوقت المناسب. ومع ذلك، يجب على أصحاب العمل معالجة المخاوف المتعلقة بالخصوصية وإساءة استخدام البيانات والتحيز في خوارزميات الذكاء الاصطناعي لضمان ثقة الموظفين وقبولهم.

!القيادة والعافية المؤسسية: إن  كنت قائداً فيمكنك فعل المزيد -

للقادة تأثير عميق على نجاح رفاهية الموظفين في أي منظمة، مما يؤول في النهاية إلى تحقيق العافية المؤسسية. عندما يضع القادة رفاهية موظفيهم ضمن أولوياتهم، فإن ذلك بالضرورة يتحول إلى شعور الموظفين بأن صحتهم وسعادتهم مهمة فعلاً، وأنهم شركاء وليسوا مجرد تروس. مما ينعكس على أدائهم فهم الآن يعملون لنفسهم أيضاً وليس لخدمة الغير. الأمر بالغ الأهمية لأن الموظفين الذين يشعرون أن صاحب عملهم يهتم برفاهيتهم العامة هم أكثر عرضة بثلاث مرات للمشاركة في العمل، وأقل عرضة للإبلاغ عن الإرهاق، وأكثر عرضة للازدهار في حياتهم بشكل عام.


لتمكين القادة من دعم رفاهية الموظفين بفعالية في هذه المرحلة من عام 2025 وما بعدها، يُنصح باتخاذ الإجراءات التالية:

- تشجيع الحوار المفتوح: يجب على القادة التواصل بوضوح حول أهمية الرفاهية للمنظمة بأكملها.

- إنشاء آليات آمنة لتقديم الملاحظات: توفير نطاقات آمنة للموظفين لمشاركة آرائهم مع القادة، مما يُعزز شعورهم بأنهم مسموعون ومقدرون.

- إدراج الرفاهية في تدريب القيادة: تدريب المديرين على الصحة النفسية يُساعدهم في التعرف على علامات الضيق العاطفي والاستجابة لها بفعالية، ويُحسن فهمهم لتأثير ضغوط العمل وكيفية إدارتها.

- نمذجة السلوكيات الصحية: قبل أن تطلب من موظفيك، كن أنت نموذجاً لما تريد. القادة الذين يُمارسون سلوكيات صحية بأنفسهم، مثل إدارة التوتر والتطوير الشخصي، يُلهمون الموظفين ليحذوا حذوهم

تحمل المسؤولية عن نتائج برامج الرفاهية: إدخال المساءلة عن نتائج الرفاهية في خطط الأداء يُعزز الالتزام بأهداف العافية

!خاتمة: نحو بيئة عمل أكثر صحة وإنتاجية، الآن وفي المستقبل

إن الاتجاهات التي شهدها عام 2025 في مجال العافية المؤسسية تُشير إلى تحول جذري نحو نهج أكثر شمولية واستباقية. من خلال معالجة ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، والاستفادة من قوة البيانات والذكاء الاصطناعي، وتمكين القيادة لتكون قدوة في تعزيز ثقافة الرفاهية، يمكن للمنظمات بناء بيئات عمل لا تُعزز صحة وسعادة موظفيها فحسب، بل تُسهم أيضاً في تحقيق إنتاجية مستدامة ونجاح تنظيمي طويل الأجل. إن الاستثمار في العافية المؤسسية لم يعد خياراً، بل ضرورة استراتيجية لضمان ازدهار القوى العاملة، وأداء المؤسسات في المستقبل.


اشترك في النشرة البريدية

احصل على اخر المقالات أولاً

تابعنا على وسائل التواصل

احصل على الجديد أول بأول

اقرأ أيضًا