كل ما يخص الموارد البشرية في المملكة العربية السعودية
مجموعة من الاأراء والمقالات لأفضل الكتاب
تقييم الأداء
Aug 13, 2025
انكلوسيف

التهيئة الاستراتيجية: إنتاج من أول يوم عمل!
استثمار استراتيجي حيوي يضع الأساس لولاء الموظفين
التهيئة الاستراتيجية: إنتاج من أول يوم عمل!
في أوكلاند، الولايات المتحدة، ظهرت دراسة تشير إلى أن نسبة موت الأشجار المزروعة حديثاً تصل إلى 19٪ منها. الدراسة تعيد ذلك إلى "التهيئة الغير الجيدة، والظروف البيئية المحيطة" إلام نرمي بتلك الإحصائية؟
هل تعلم أن ما يقرب من ثلث الموظفين الجدد قد يغادرون وظائفهم خلال الأشهر الستة الأولى؟ هذا الرقم الصادم ليس مجرد إحصائية، بل هو مؤشر واضح على أن عملية تهيئة الموظفين الجدد (Onboarding) غالباً ما تُعامل كإجراء إداري روتيني لإنهاء الأوراق، بدلاً من كونها استثماراً استراتيجياً حيوياً. في الواقع، التهيئة الفعالة هي البداية التي تضع الأسس لولاء الموظفين، ويزيد من إنتاجيتهم، ويساهم في بناء انتمائهم للشركة من اليوم الأول، وهذا ما نشرحه تفصيلاً في هذا المقال.
إن تهيئة الموظفين الجدد ليست مجرد ترحيب أو تعريف بالمهام؛ إنها عملية شاملة تهدف إلى دمج الموظف الجديد بسلاسة في بيئة العمل وثقافة الشركة، مما يجعله يشعر بالانتماء والتقدير. عندما يتم تهيئة الموظفين بشكل صحيح، فإنهم يصلون إلى مستوى الإنتاجية الكاملة بشكل أسرع، ويفهمون مهامهم وتوقعات الأداء بوضوح. هذا الاستثمار الاستراتيجي يقلل بشكل كبير من معدل دوران العمالة وتكاليف التوظيف المرتبطة بها، ويساهم في بناء مؤسسة تتكون من موظفين ذوي خبرة وانتماء، مما يحسن أداء الأعمال ورضا العملاء.
أهمية التهيئة الاستراتيجية: بناء الولاء وزيادة الإنتاجية من اليوم الأول
تُعد التهيئة الفعالة استثمارًا استراتيجيًا طويل الأمد في رأس المال البشري، وتؤثر بشكل مباشر على الاحتفاظ بالموظفين وإنتاجيتهم على المدى الطويل. وإليك أبرز أسباب أهميتها:
- تعزيز اندماج الموظفين الجدد: تهدف التهيئة إلى دمج الموظفين الجدد بسلاسة في بيئة العمل وثقافة الشركة، مما يجعلهم يشعرون بالانتماء والتقدير.
- زيادة الإنتاجية والفعالية: عندما يتم تهيئة الموظفين بشكل صحيح، فإنهم يصلون إلى مستوى الإنتاجية الكاملة بشكل أسرع، ويفهمون مهامهم وتوقعات الأداء بوضوح.
- بناء الولاء والاحتفاظ بالمواهب: الموظفون الذين يمرون بتجربة تهيئة إيجابية يكونون أكثر رضا وظيفيًا وأقل عرضة لترك الشركة، مما يقلل من معدلات دوران العمالة وتكاليف الاستبدال.
- نقل ثقافة الشركة وقيمها: تتيح عملية التهيئة فرصة لتعريف الموظفين الجدد بالثقافة التنظيمية، والقيم الأساسية، ورؤية الشركة، مما يضمن توافقهم مع بيئة العمل.
أفضل الممارسات العالمية في تهيئة الموظفين الجدد
لضمان تهيئة فعالة ومثمرة، تتبع الشركات الرائدة مجموعة من الممارسات التي تتجاوز مجرد الإجراءات التقليدية:
- التهيئة المسبقة (Pre-boarding): تبدأ عملية التهيئة قبل اليوم الأول للموظف. تشمل هذه المرحلة التواصل المسبق، وإعداد الأوراق اللازمة (مثل عقد التوظيف واستمارات الضرائب)، وتوفير الموارد الأساسية مثل إعداد تسجيل الدخول للحسابات وتوفير الأدوات التقنية اللازمة. هذا يضمن أن يكون الموظف الجديد جاهزًا للعمل من اليوم الأول.
- برامج تهيئة مخصصة ومنظمة: يجب تصميم برامج تدريبية مخصصة لكل وظيفة، مع مراعاة مستوى الخبرة والمهارات المطلوبة، بدلاً من تطبيق تدريب موحد على الجميع. يجب أن تستخدم هذه البرامج أساليب تعلم حديثة مثل البرامج التفاعلية والدورات الرقمية.
- برامج الإرشاد عن طريق زميل (Buddy programs): تعيين زميل (غير المدير المباشر) للموظف الجديد لتقديم الدعم والتوجيه غير الرسمي، والإجابة على الأسئلة، وتسهيل الاندماج الاجتماعي. هذا يخلق بيئة أكثر راحة للموظف الجديد.
- الاندماج الثقافي: تعريف الموظفين بقيم الشركة، مهمتها، ورؤيتها، وكيفية تعريف الشركة للنجاح. يمكن أن يشمل ذلك تدريبًا على الجانب الثقافي العام للمنظمة.
- الاجتماعات الدورية وتقديم الملاحظات: جدولة اجتماعات منتظمة بين الموظف الجديد ومديره لمناقشة مهام العمل، التحديات، وتقديم الملاحظات والتحفيز المستمر.
- فترة تهيئة ممتدة: تمتد فترة التهيئة إلى ثلاثة أشهر على الأقل، وقد تصل إلى تسعة أشهر، لضمان اندماج الموظف الجديد بشكل سلس وزيادة مسؤولياته تدريجيًا بعد إتقان المهام الأساسية.
تقنيات التهيئة الحديثة: كيف يمكن أن تعزز التكنولوجيا عملية التهيئة
هل أنت موظف جديد وتشعر بأن مديرك يشعر بالملل من تكرارك لنفس السؤال لمرات عديدة؟ هل تشعر بالاحراج الآن؟ لم لا تسأل المساعد الرقمي؟ إنه لا يمل لأنه لا يشعر! على الأقل إلى الآن! حسناً كانت الجملة الأخيرة مزحة!.
لتحويل التهيئة من عملية إدارية بحتة إلى تجربة تفاعلية ومخصصة، تعتمد الشركات على التكنولوجيا الحديثة في:
- أنظمة إدارة الموارد البشرية (HRMS) مع وحدات التهيئة: تعمل هذه الأنظمة على أتمتة المهام اليومية والروتينية للموارد البشرية، وتبسيط سير العمل، وإدارة بيانات الموظفين بكفاءة.
- منصات التعلم الإلكتروني والموارد الرقمية: توفر دورات تدريبية ومعلومات ضرورية بشكل مرن وتفاعلي (مقاطع فيديو تعليمية، برامج تفاعلية، أدلة رقمية) يمكن للموظف الرجوع إليها عند الحاجة دون الشعور بالإحراج.
- اللعب (Gamification): عن طريق تحويل عملية التهيئة بإجراءاتها والمهمات المطلوبة من الموظف الجديد إلى ما يشبه اللعبة، مثلا يمكن جعله يتتبع تقدمه أمام عينيه في صورة مراحل، يتجاوز كل مرحلة بتنفيذ عدد من المهام، ومكافأة الموظف مع اتمام كل مرحلة بمكافأة وهمية، يمكن تهنئته، أو اعطائه أوسمة وقلادات، بالطبع كل هذا يتم عن طريق برنامج رقمي، يمكن دمجه مع نظام التشغيل الخاص بالمؤسسة.
- الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي: لتقديم مسارات تعليمية مخصصة لحاجيات كل موظف، وإشعارات تلقائية، وروبوتات المحادثة والمساعدين الرقميين الأذكى لتقديم ردود أكثر استنارة، وتقديم اقتراحات، وتسريع التفاعلات للموظفين الجدد، مما يعزز من تجربة التعلم الفردية.
- منصات التواصل الرقمي: تسهيل قنوات التواصل المفتوحة بين الموظفين الجدد، وزملائهم، والإدارة، لتعزيز التعاون وتبادل الأفكار.
يُعد دور التكنولوجيا في تحويل التهيئة من عملية إدارية إلى تجربة تفاعلية ومخصصة أمرًا بالغ الأهمية. فمن خلال أتمتة المهام الروتينية، تُحرر التكنولوجيا فرق الموارد البشرية للتركيز على أدوار أكثر استراتيجية، مثل بناء العلاقات وتقديم الدعم الشخصي. كما أنها تتيح مسارات تعليمية مخصصة وتوفر وصولاً مستمرًا للمعلومات، مما يحسن تجربة الموظف ويقلل من أي شعور بالإحراج قد ينجم عن تكرار الأسئلة.
التحديات الشائعة في التهيئة والحلول المقترحة
على الرغم من أهمية التهيئة، تواجه الشركات تحديات في تنفيذها بفعالية:
- استغراق المهمة وقتًا طويلاً: العمليات اليدوية وغير المؤتمتة لدى مسئولي الموارد البشرية يمكن أن تكون غير فعالة وتستهلك الكثير من الوقت والجهد، وتعطلهم عن الإهتمام بالمواهب الجديدة المنضمة حديثاً كما ينبغي.
- الأوصاف الوظيفية غير المناسبة: نشر أوصاف وظيفية غامضة أو غير محدثة يمكن أن يؤدي إلى جذب مرشحين غير مناسبين، مما يستلزم إعادة بدء عملية التوظيف من الصفر، وهو أمر مكلف ويستغرق وقتًا طويلاً.
- إعطاء معلومات خاطئة أو تجاهل الخبرة: قد يتلقى الموظفون الجدد معلومات غير دقيقة، أو قد يتم تجاهل خبراتهم السابقة في تصميم برنامج التهيئة، مما يقلل من فعاليتها.
- نقص مشاركة ودعم المديرين: غالبًا ما يجد المديرون أنفسهم يركزون على المهام الإدارية اليومية بدلاً من تخصيص الوقت الكافي لتطوير المواهب الجديدة وتوجيهها.
الحلول المقترحة:
- أتمتة مهام الموارد البشرية: استخدام أنظمة HRMS لأتمتة المهام الروتينية لتبسيط العمليات وتوفير الوقت.
- برامج تدريب مخصصة: تصميم برامج تهيئة تتناسب مع احتياجات كل موظف ومستوى خبرته.
- تحديث الأوصاف الوظيفية: التعاون مع الإدارة العليا لضمان دقة ووضوح الأوصاف الوظيفية لجذب المواهب المناسبة.
- المراقبة والتقييم المستمر: مراقبة عملية التهيئة باستمرار وجمع الملاحظات من الموظفين الجدد لتحسينها وتطويرها بشكل دوري.
الخلاصة: استثمار يعود بالنفع على الجميع
إن التهيئة الاستراتيجية للموظفين الجدد ليست مجرد "خطوة أولى" في رحلة الموظف، بل هي استثمار حاسم يحدد مسار نجاحه داخل المنظمة. من خلال تبني أفضل الممارسات العالمية، والاستفادة من قوة التكنولوجيا، ومعالجة التحديات بفعالية، يمكن للشركات أن تضمن أن كل موظف جديد لا يشعر بالترحيب فحسب، بل يصبح جزءًا لا يتجزأ من نسيج الشركة بمنتهى السرعة والكفاءة، ويساهم بفعالية في تحقيق أهدافها من اليوم الأول. هذا النهج لا يعزز ولاء الموظفين وإنتاجيتهم فحسب، بل يبني أيضًا ثقافة تنظيمية قوية ومستدامة، قادرة على الازدهار في أي بيئة عمل.
اشترك في النشرة البريدية
احصل على اخر المقالات أولاً
تابعنا على وسائل التواصل
احصل على الجديد أول بأول