كل ما يخص الموارد البشرية في المملكة العربية السعودية
مجموعة من الاأراء والمقالات لأفضل الكتاب
إدارة الموظفين
Aug 10, 2025
انكلوسيف

إدارة العمليات التشغيلية
تعزيز الكفاءة إلى خلق القيمة الشاملة
إدارة العمليات التشغيلية: من تعزيز الكفاءة إلى خلق القيمة الشاملة
منذ بداية تطورها كحقل دراسي مستقل في مطلع القرن العشرين، ارتبطت إدارة العمليات بالمنتج النهائي الذي يصل للعميل، عن طريق تقليل الهدر، وترشيد الإنفاق والتوفير، وزيادة جهود المؤسسة إلى أقصى حد، وحسن إدارة الموارد المتاحة، لضمان تحقيق هدفين رئيسين: رضا العميل وولائه، ونمو المؤسسة المستدام وزيادة ربحيتها.
لكن كما نرى فإن طبيعة السوق تتغير بشكل سريع، في الحقيقة العالم نفسه يتغير بشكل سريع، لذلك تحتاج المؤسسات لتطوير إدارة العمليات لديها لتظل مواكبة لهذه التغيرات ومتطلباتها، ماذا يعني ذلك؟
في هذا المقال نناقش كيفية تطور إدارة العمليات التشغيلية، ونتعرض لمفهوم القيمة الشاملة، والبعد الفلسفي وراء هذا التغيير.
إدارة العمليات بمفهومها التقليدي، ماذا تفعل ولماذا؟
تمنع ممارسات إدارة العمليات الفعالة الشركات والمؤسسات من إهدار الوقت والمال والموارد على الأنشطة التي لا تدعم أهدافها الاستراتيجية. تكمن أهميتها في ضمان تحقيق العمل اليومي للأهداف الكبرى والأوسع للمؤسسة. تؤثر إدارة العمليات بشكل مباشر على نتائج الأعمال الرئيسية، بما في ذلك الربحية، والإنتاجية، ورضا العملاء، والامتثال، والقدرة على النمو والمنافسة بمرور الوقت.
يؤدي تحسين العمليات الذكي إلى تسليم أسرع، وجودة أفضل، واستخدام أقل للموارد - وكل ذلك يمكن أن يساعد الشركة على العمل بكفاءة أكبر، وبالتالي التوسع بشكل مستدام. تقلل مراقبة الجودة القوية من معدل الأخطاء، والذي بدوره يؤدي إلى تعزيز سمعة العلامة التجارية، الذي بدوره هو الآخر يؤدي إلى اكتساب/تعزيز ولاء العملاء. يمكن لإدارة العمليات الفعالة أيضًا أن تساعد الشركة على الاستجابة للأسواق المتغيرة دون فقدان زخم الأداء، مما يقلل من تأثير المخاطر مثل اضطرابات سلسلة التوريد.
هذا هو دور إدارة العمليات التقليدي، فما الذي تغير؟ أو ما الذي يجب أن يتغير؟
التغيير يأتي من تغير مفهوم القيمة حالياً، اعتادت القيمة على أن تكون ما يحصل عليه العميل مقابل ما يدفع، أي المنتج النهائي، ما يصل بالأخير إلى تحقيق المؤسسة أهدافها، وكل ما سبق ذكره يصف تلك القيمة، لكن مؤخراً، دخلت الموارد البشرية -كونها الأيدي التي تنتج هذا المنتج- دائرة القيمة.
بالطبع قد وصل إلى مسامعك عزيزي القارئ أن استغلال بعض الشركات الكبرى للعمالة في بعض البلدان كشرق آسيا، بعدم دفع الأجور التي يستحقونها أو العمل في ظروف غير آدمية وعدم والاهتمام بصحتهم الجسدية فما بالك بالنفسية، قد أثر بشكل مباشر على قيمة تلك الشركات صاحبة هذه الممارسات السيئة، وافقد تلك الشركات ولاء العديد من عملائهم.
ذلك إن قال شيء فإنما يقول بأن العمالة أو الموارد البشرية أصبحت ضمن القيمة التي يحصل عليها العميل الواعي حالياً بشكل أكبر، وأن الاهتمام بها لم تعد شعارات أو مجرد رفاهية لبعض الشركات عن غيرها وإنما أصبح ضرورة لكل الشركات أن يصبح ضمن نهجها، ما أدى بالأخير لظهور ما يسمى بالقيمة الشاملة.
القيمة الشاملة هي باختصار تضم رضا العميل عن المنتج النهائي وولائه للشركة، ما يحقق رضا أصحاب المؤسسة أو الشركة وتحقيق أهدافهم، بالإضافة إلى رضا العاملين بالمؤسسة، كجزء رئيس من العملية كلها.
كيف تساهم إدارة العمليات الحديثة في خلق القيمة بمفهومها الحالي كقيمة شاملة؟
تتجاوز إدارة العمليات الحديثة مجرد الكفاءة الداخلية والحد من التكاليف إلى خلق قيمة تمتد إلى العملاء والموظفين على حد سواء. ففي حين أن التعريفات التقليدية لإدارة العمليات غالبًا ما تركز على الكفاءة الداخلية وتقليل التكاليف والربحية كأهداف أساسية. أشهر منهجيات إدارة العمليات مثل Lean تؤكد على "تحديد القيمة من منظور العميل". ويهدف Six Sigma إلى تقليل العيوب لتحسين "جودة المخرجات" و"رضا العملاء".
لكن على سبيل المثال، تشمل فوائد منهجية Lean Six Sigma صراحةً "تحسين تجربة العمل والعملاء" و"تطوير الموظفين". هذا يشير إلى تطور استراتيجي عميق في إدارة العمليات، حيث لم يعد الانضباط يدور فقط حول القيام بالأشياء بشكل صحيح بالنسبة للمنتج النهائي ورضا العميل (الكفاءة وتقليل التكاليف) ولكنه توسع ليشمل القيام بالأشياء الصحيحة للعميل وللأشخاص الذين يقومون بالعمل على حدٍ سواء (خلق القيمة الشاملة).
إن قدرة الشركة على التسليم في الوقت المحدد، على سبيل المثال، تؤثر بشكل مباشر على رضا العملاء وسمعة العلامة التجارية. وكذلك العمليات بمفهومها الحديث يمكن أن تزيد من ولاء العملاء من ناحية، وتجذب مواهب جديدة من ناحية أخرى، مما يعزز سمعة الشركة في السوق. عندما يشعر الموظفون بأنهم جزء من عمليات فعالة ومحسنة، فإن ذلك يعزز مشاركتهم ورضاهم، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية والابتكار.
التحول الفلسفي: من التركيز على رضا العميل إلى التحول لإرضاء جميع المعنيين!
لقد اتسع النطاق في إدارة العمليات من المقاييس الكمية البحتة (مثل الوحدات المنتجة، التكاليف التي يتم توفيرها) ليشمل الجوانب النوعية الحاسمة مثل رضا العملاء، وسمعة العلامة التجارية، ورفاهية الموظفين. هذا التحول الفلسفي يقر بأن هذه العوامل النوعية ليست مجرد "إضافات لطيفة"، بل هي محركات غير مباشرة ولكنها قوية للربحية على المدى الطويل والقدرة التنافسية المستدامة.
تدرك المؤسسات الرائدة اليوم أن تحسين العمليات لا يقتصر على تقليل الفاقد أو تسريع الإنتاج فحسب، بل يشمل أيضًا خلق بيئة عمل تدعم الموظفين وتمكنهم من تقديم أفضل ما لديهم. على سبيل المثال، يمكن للتكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والأتمتة أن تقلل المهام الروتينية، مما يوفر الوقت والجهد للموظفين ويركز جهودهم على اتخاذ القرارات وتحليل المواقف. هذا التحول لا يزيد من الإنتاجية فحسب، بل يقلل أيضاً من الإجهاد الوظيفي ويعزز رضا الموظفين.
في جوهر هذا التحول، تكمن الفكرة بأن العمليات الفعالة هي تلك التي تخدم جميع أصحاب المصلحة: العملاء الذين يتلقون منتجات وخدمات عالية الجودة، والموظفون الذين يعملون في بيئة داعمة ومحفزة، والمؤسسة التي تحقق أهدافها الاستراتيجية وتنمو بشكل مستدام.
اشترك في النشرة البريدية
احصل على اخر المقالات أولاً
تابعنا على وسائل التواصل
احصل على الجديد أول بأول